زوسيما القديس
رهبنته وُلد هذا القديس في منتصف القرن الرابع الميلادي من أبوين مسيحيين قديسين من أهل فلسطين. وفي السنة الخامسة من عمره سلماه لراهب شيخ قديس، فربّاه تربية مسيحية وعلّمه العلوم الدينية، وبعد قليل رُسم شماسًا. ترهب القديس زوسيما، وصار راهبًا تقيًا، فنما في الفضيلة نموًا مستمرًا. وكان ملازمًا للتسبيح والقراءة نهارًا وليلاً وفي وقت العمل أيضًا. ولما أكمل خمسًا وثلاثين سنة في الدير رسموه قسًا، فتزايد في نسكه وزهده وجهاده. وبعد أن قضى كذلك ثلاث عشرة سنة زرع العدو في فكره أنه قد أصبح يفوق كل أهل زمانه في التقوى والفضيلة. ولكن الرب شاءت مراحمه أن يرده عن هذا الظن، فأرسل إليه ملاكًا أمره بالانتقال إلى الدير القريب من الأردن، فقام ومضى إليه. هناك وجد شيوخًا قديسين أكمل منه في سيرتهم، فتبين له عندئذ أنه كان بعيدًا عمّا ظنه في نفسه. فأقام عندهم وكان من عادة هؤلاء الشيوخ أنهم في أيام الصوم الكبير بعدما يصومون الأسبوع الأول منه يتقربون من الأسرار المقدسة، ثم يخرجون من الدير وهم يتلون المزمور السادس والعشرين (السابع والعشرين حسب طبعة بيروت) وعند نهايته يُصلّون. وبعد أن يبارك عليهم الرئيس يوّدعون بعضهم بعضًا ويتفرقون في براري الأردن في المكان عينه الذي قضى فيه السيد له المجد أربعين يومًا وليلة صائمًا، يجاهد كل واحد منهم على حدة. فصار القديس زوسيما يخرج معهم كل عام ويسير في البرية سائلاً من الله أن يريه من ينتفع منه. مع القديسة مريم القبطية في إحدى مرات سياحته تقابل مع القديسة مريم القبطية، واستعلم منها عن سيرتها وسبب سياحتها. ثم طلبت منه التقرب من الأسرار الإلهية فأتاها بها في العام التالي وقرّبها، ثم افتقدها في العام التالي فوجدها قد تنيّحت، فواراها التراب، وقص سيرتها على رهبان الدير. وبعد أن عاش تسعًا وتسعين سنة تنيح بسلام. السنكسار، 9 برمودة.