hana
عدد الرسائل : 15 العمر : 37
| موضوع: لحظة هروب الجمعة مارس 06, 2009 7:29 am | |
| في يوم ما لا اذكره وفي فرصة نادرا ما تتكرر قررت الهروب من ضجيج المدينة وهوائها المشبع بالغبار والسموم
باتجاه قريتي الجبلية المتواضعة حيث تبدو الأشياء على حقيقتها فالأرض غير الأرض والأفق غير الأفق..
كل ما فيها نقيض للمدينة عدا ما فيها من ذكريات الصبا وأحلام الطفولة البريئة التي سرقت منا يوم أن أصبحنا كبارا
في نظر الآخرين ..ولكن الهروب لم ينتهي فحتى في قريتي كان هناك شي بداخلي يحرضني على مواصلة الهروب
ولكن إلى أين في هذه المرة.. إلى خارج القرية حيث الأراضي الزراعية الخصبة وفي يوم من أيام الربيع وقبل ان يترك
الليل النهار انسللت من فراشي وجديت في السرى حتى حططت رحالي فوق تلة بها كوخ قديم تشرف على ارض املكها
بها بضع شجيرات ..المكان يلفه السكون والسحب المتداخلة تزيد المكان هيبة ووقارا وظلمة.. فأخذت حزمة من الحطب
كانت في الجوار وكومتها فوق حفرة صغيرة وأشعلت فيها النيران فانتشر في المكان شعور غريب بالأنس والطمأنينة..
وما إن هدأ لهيبها وتوقد جمرها حتى بدأ لي أن الليل قد عزم على الرحيل تاركا مكانه لفجر يوم جديد.. تنحيت عن
مكاني واقفا وقلت الله وبعد ان فرغت من صلاتي صرت أرى الأشياء بوضوح من حولي.. فارتقيت أعلى التلة
وصرت ارقب المكان من حولي وبداء قرص الشمس يتسلل عبر الأفق فتارة يقع بصري على الوادي الفسيح الممتد امتداد
البصر حيث تبدوا بساتين الزيتون بداخله وكأنها مسابح خضر تتدلى من السحب ..فلا تكاد ترى قاعه من كثافة الندى..
وتارة أخرى يقع بصري على تلك الهضاب الخضر وكأنها شواهد تحرس المكان .. فأحسست بانبعاث الحياة من حولي
وكأني استمع الى مجموعة من التلاميذ في مدرسة يرددون نشيدا للوطن بأن يحي ويزدهر ,وما ان ارتفعت الشمس في
عنان السماء وعانقت اشعتها قطرات الندى حتى سمعت صوت محرك احدى العربات وهي تشق طريقها عبر الممر الضيق
اسفل التلة فادركت حينها ان لحظة من اجمل لحظات حياتي قد ولت وربما الى غير رجعة ..فرجعت الى قريتي وانا اتقدم
خطوة واتأخر اخرى | |
|